أ د. عـادل كمـال خضـر
أستاذ ورئيس قسم علم النفسكلية الآداب _ جامعة بنـها
E. mail : adelkhedr@yahoo.com
يطلق فرويد اسم العلاقة الرمزية على هذه العلاقة الثابتة بين عنصر الْحُلم وترجمته ، أما عنصر الْحُلم نفسه فهو - وفقاً لفرويد - رمز للفكرة اللاشعورية في الْحُلم ، وأن التفسير بالشفرة الرمزية للْحُلم لهو أمر شائع منذ القدم . ويشير جورج بوزنر وآخرون في " معجم الحضارة المصرية القديمة " ، إلى الرمزية الثابتة في تفسير الأحلام ، بقولهم : أن الكتبة المقدسين الذين يطلق عليهم " الكهنة المرتلون " ومفسري النصوص السماوية ، ومفسري الأحلام لدى الإغريق قد حظوا بشهرة فائقة في تفسير الأحلام ، وأنهم استعملوا مفتاحاً مفصلاً يضم جميع أنواع الأحلام الممكنة لفك رموزها ، ومثال ذلك : إذا رأى شخص نفسه في الحلم يطل من النافذة ، فهو حلم حسن ، لأنه يدل على أن الرب قد سمع صلاته . وإذا رأى قطاً سميناً ، فالحلم يدل على الخير – إذ سيجني محصولاً وفيراً . وإذا رأى أنه جلس تحت شجرة ، فهو حسن أيضاً ، لأنه يعني زوال كل همومه ومشاكله . وإذا رأى القمر ينير ، فهو حلم طيب ، لأن الرب سيغفر له ذنوبه . وإذا رأى نفسه في الحلم ينظر إلى قزم ، فالحلم ينطوي على نحس ، إذ سيؤخذ نصف حياته ( أي سيموت في منتصف العمر العادي ) . وإذا رأى نفسه يطل على بئر عميقة ، فالحلم شـر ، إذ يدل على أنه سيلقى في السجن .
ويشير الحفني إلى أنه في حين يرى فرويد أن الرمز يرمز للشيء مباشرة وبالتالي فإن الرمز يكون ثابتاً غالباً ، فكل ما هو مشقوق مثلاً قد يصلح رمزاً للفرج ، نجد في النظرية الوظيفية في تفسير الأحلام أن الرمز صورة ذهنية عند الحالم هي تصوره للمرموز ولا تنفصل عن الحالم وتعكس ديناميات شخصيته ، ولذلك فحل شفرة الرمز مسألة صعبة تحتاج إلى الإحاطة بتصورات الحالم عن العالم المحيط به واستقراء النص الحلمي الذي ترد فيه الصور المرموز بها عن الشيء . وقد اتضح من دراسة Ruth والتي أجراها على المجتمع الأمريكي أن الرموز الجنسية الفرويدية ( الذكرية والأنثوية ) يكون لبعضها نمطاً ثابت الدلالة لا يتغير ( مقولب ) حضارياً ، بينما تكون بعض الرموز الأخرى ( ذكرية أو أنثوية ) محايدة ثقافياً بحيث تكتسب دلالتها من المجتمع النوعي
أما كون دلالة الرموز عامة وثابتة ، فقد أصبح الاعتقاد السائد الآن بين الباحثين في مجال تفسير الأحلام ، أنه إلى جانب الرموز العامة التي لها دلالة ثابتة ، وبصفة خاصة تلك الرموز القديمة الذائعة الانتشار التي لها نظائر في مدلولات العقائد والأساطير ؛ هناك رموز أخرى فردية خاصة ، أي تختلف دلالتها من فرد إلى آخر . ويرى شتيكل أنه ليس للرموز دلالة ثابتة بل تختلف دلالاتها من حالة إلى أخرى ، لأن مصدرها في النهاية هو نوع المشكلة النفسية وطبيعة الصراع النفسي . ومن ثم فإن وجود رموز في الأحلام لا يعني أن الرمز الواحد له معنى محدد فقط ، ولكن يعني أن هناك دلالات متعددة للرمز الواحد . وعلى سبيل المثال فإن الثعبان كرمز يمكن أن يكون له دلالات كثيرة ، فقد يرمز إلى القضيب ، أو المعرفة والحكمة ، أو الشفاء ، أو العدو ، أو كيد النساء .. وفي إطار حديثه عن الثعبان كرمز ، يشير باشلار إلى كونه يرمز إلى كل صفات اللزاجة والاشمئزاز والبرودة الكريهة ، كما أنه علامة الشر والغواية والضياع ، وتعبير عن المحرمات الجنسية ، وله دلالة القيد والحبل المتلوي الملتف حول عنق الإنسان فيخنقه ، وهو أيضاً رمز الغموض والتحولات الغريبة وطالع شؤم ونحس .
ويؤكد عبد الغني النابلسي على تعددية المعنى للرمز الواحد ، حيث يقرر ذلك في تأويله لرمزية الأنف بقوله : إن الأنف في المنام دال على ما يتجمل به الإنسان من مال أو والد أو ولد أو أخ أو زوج أو شريك أو عامل ، فمن حسن أنفه في المنام كان دليلاً على حسن حال من دل عليه ممن ذكرنا .. وسواد الأنف أو كبره دال على الإرغام والقهر ، كما أن مناسبة المقدار الطبيعي أو استنشاقه الرائحة الطيبة دليل على علو الشأن وطيب الخاطر . وربما دل الأنف على ما يصل من الإنسان من الأخبار على لسان رسول ، وربما دل الأنف على الجاسوس الآتي بالأخبار التي لا يطلع عليها أحد ، وربما دل على الفرج أو الدبر لما ينزل منه من المخاط والدم ، أو على القضيب لما ينزل منه من ماء .. وغيرها .
وفي إطار حديثه عن الدلالات الخاصة برمزية الطيور birds ، يشير هامر إلى تعددية المعنى للرمز الواحد ، بقوله : بالرغم من أن كل الطيور تعد رموزاً للهروب ، وتوجيه الحركة ، ورغبة نحو الحفزات القضيبية ، ومعاني خاصة عديدة تختلف باختلاف الطائر المعين . فإن هناك فرقاً كبيراً بين العقاب والكناري ( طائر حسن الصوت ) ، وبين الدجاجة والنسر ، وهناك طيوراً للتربية ، وطيوراً آكلة لحم البشر ، وطيوراً مفترسة ، وطيوراً طفيلية ، وطيوراً مغردة ، وطيوراً استعراضية ( الطاووس ) ، وطيوراً عديمة الحيلة ( البط الكسيح ) ، وطيوراً مسالمة ( الحمام ) ، وطيوراً أنثوية ( اليمام ) ، وطيوراً ذات العنق الطويل .. الخ ، وكل طائر من بين هذا الجمع من الطيور له دلالة خاصة أو معنى نوعي يستمد من نوعه الخاص كطائر ، علاوة على ذلك فإن مجمل المعاني النوعية المنسوبة إلى الطائر المعين إنما ترجع إلى مبدعه الخاص ( الحالم أو الرسام ) .
ويشير نظمي لوقا إلى أن نجاح رمز معين في إخفاء معالم معنى معين لا يعني بالضرورة أن هذا الرمز سوف يحتكر التعبير عن هذا المعنى تحديداً ، فمن الممكن للحلم أن يستخدم رمزاً آخر للتعبير عن ذات المعنى ، فثمة مرونة في لغات الأحلام الرمزية ، وأنه في أحيان كثيرة يدل الرمز الواحد في الحلم على أكثر من معنى ، مثلما تدل الكلمة الواحدة في اللغة أحياناً على أكثر من معنى .. ويكون المعول في فهم المعنى المقصود في الحالتين على السياق العام في جملته . كذلك يشير أريك فروم إلى أن دلالة الرمز المخصوصة لا يمكن أن تحدد إلا بناء على السياق العام الذي يندرج ضمنه هذا الرمز .. فالوادي كرمز يمكن أن يدل على الأمان والحماية ضد المخاطر الناجمة عن الخارج ، كما أنه قد يدل كذلك على كونه رمز للسجن والمعتقل .
ويقول مصطفى صفوان في مقدمة كتاب فرويد " تفسير الأحلام " فيما يتعلق بمفردات الحلم بأن الرموز هي الدوال الأساسية في لغة اللاشعور ، وأننا لنراها في أحلام المرء وأعراض مرضه وشعره وأساطيره ، وفي حين أن ما يميز اللغات النهارية هو ما سماه أحد اللغويين المحدثين بحق ظاهرة الفرار من الاشتراك ، بمعنى أن اللغة لا تمل من ابتداع الوسائل للتفرقة بين الدوال تجنباً للاشتراك وازدواج المعاني ، غير أن لغة الأحلام تفلت كل الإفلات من هذا الفرار من الاشتراك ، بل وتمعن في الاتجاه المخالف ، فلا حد للمعاني التي يمكن أن تحملها صور ورموز الحلم .
وتعددية المعنى للرمز الواحد لم يكن فرويد بغافل عنها ، حيث يقول في ذلك : إن الرموز تملك في كثير من الأحيان أكثر من معنى واحد - إن لم تملك العدد الكبير من المعاني - بحيث لا يمكن فهمها في كل مرة فهماً صحيحاً إلا من السياق العام . ذلك أن الرمز الواحد في الحلم لا يدل بالضرورة على شيء واحد بعينة ، بل قد يدل على العديد من الأشياء مجتمعة في هذا الرمز ، وهذا هو التكثيف . كذلك فإن الرمز الواحد قد يدل على شيء معين في حلم ما ، ويدل على شيء آخر في حلم آخر على الرغم من أن صاحب الحلمين شخص واحد . وأكثر من هذا فإن الرمز الواحد قد يدل على معنى محدد في بداية الحلم ، وعن معنى آخر في وسط الحلم خلال تطور أحداثه ، بل وعن معنى ثالث في نهاية الحلم .
وعلى هذا نلاحظ أن الدلالة الرمزية للحلم قد تطورت من الرمزية الثابتة أحادية المعنى ، المطلقة ، والتي تنطبق على جميع الأفراد كبيرهم وصغيرهم سويهم ومريضهم ، وفي كل المجتمعات على حد سواء ، إلى الرمزية ذات المعاني والدلالات المتعددة ، النسبية ، التي تأخذ معناها من سياق الحلم الذي تتضمن فيه ، بحيث يتم تفسير معنى ودلالة الرمز وفقاً للحالة موضع الفحص صغيراً أم كبيراً ، سوياً أم مريضاً . وكذا وفقاً لثقافة المجتمع الذي تعيش فيه الحالة وتنتمي إليه .
وإذا كنا قد وصلنا إلى أن الرمز الواحد قد يكون له أكثر من معنى ، فإنه على الوجه المقابل يقرر فرويد بأن الرموز المستخدمة في بعض الأحلام قد تعني على تنوعها ذات الشيء ، فثمة مرونة خاصة للمادة النفسية للحلم . وعلى هذا فالرمز الواحد إذا كان له معان متعددة ، فإنه من جهة أخرى قد يكون للرموز المتعددة ذات المعنى نفسه
أستاذ ورئيس قسم علم النفسكلية الآداب _ جامعة بنـها
E. mail : adelkhedr@yahoo.com
يطلق فرويد اسم العلاقة الرمزية على هذه العلاقة الثابتة بين عنصر الْحُلم وترجمته ، أما عنصر الْحُلم نفسه فهو - وفقاً لفرويد - رمز للفكرة اللاشعورية في الْحُلم ، وأن التفسير بالشفرة الرمزية للْحُلم لهو أمر شائع منذ القدم . ويشير جورج بوزنر وآخرون في " معجم الحضارة المصرية القديمة " ، إلى الرمزية الثابتة في تفسير الأحلام ، بقولهم : أن الكتبة المقدسين الذين يطلق عليهم " الكهنة المرتلون " ومفسري النصوص السماوية ، ومفسري الأحلام لدى الإغريق قد حظوا بشهرة فائقة في تفسير الأحلام ، وأنهم استعملوا مفتاحاً مفصلاً يضم جميع أنواع الأحلام الممكنة لفك رموزها ، ومثال ذلك : إذا رأى شخص نفسه في الحلم يطل من النافذة ، فهو حلم حسن ، لأنه يدل على أن الرب قد سمع صلاته . وإذا رأى قطاً سميناً ، فالحلم يدل على الخير – إذ سيجني محصولاً وفيراً . وإذا رأى أنه جلس تحت شجرة ، فهو حسن أيضاً ، لأنه يعني زوال كل همومه ومشاكله . وإذا رأى القمر ينير ، فهو حلم طيب ، لأن الرب سيغفر له ذنوبه . وإذا رأى نفسه في الحلم ينظر إلى قزم ، فالحلم ينطوي على نحس ، إذ سيؤخذ نصف حياته ( أي سيموت في منتصف العمر العادي ) . وإذا رأى نفسه يطل على بئر عميقة ، فالحلم شـر ، إذ يدل على أنه سيلقى في السجن .
ويشير الحفني إلى أنه في حين يرى فرويد أن الرمز يرمز للشيء مباشرة وبالتالي فإن الرمز يكون ثابتاً غالباً ، فكل ما هو مشقوق مثلاً قد يصلح رمزاً للفرج ، نجد في النظرية الوظيفية في تفسير الأحلام أن الرمز صورة ذهنية عند الحالم هي تصوره للمرموز ولا تنفصل عن الحالم وتعكس ديناميات شخصيته ، ولذلك فحل شفرة الرمز مسألة صعبة تحتاج إلى الإحاطة بتصورات الحالم عن العالم المحيط به واستقراء النص الحلمي الذي ترد فيه الصور المرموز بها عن الشيء . وقد اتضح من دراسة Ruth والتي أجراها على المجتمع الأمريكي أن الرموز الجنسية الفرويدية ( الذكرية والأنثوية ) يكون لبعضها نمطاً ثابت الدلالة لا يتغير ( مقولب ) حضارياً ، بينما تكون بعض الرموز الأخرى ( ذكرية أو أنثوية ) محايدة ثقافياً بحيث تكتسب دلالتها من المجتمع النوعي
أما كون دلالة الرموز عامة وثابتة ، فقد أصبح الاعتقاد السائد الآن بين الباحثين في مجال تفسير الأحلام ، أنه إلى جانب الرموز العامة التي لها دلالة ثابتة ، وبصفة خاصة تلك الرموز القديمة الذائعة الانتشار التي لها نظائر في مدلولات العقائد والأساطير ؛ هناك رموز أخرى فردية خاصة ، أي تختلف دلالتها من فرد إلى آخر . ويرى شتيكل أنه ليس للرموز دلالة ثابتة بل تختلف دلالاتها من حالة إلى أخرى ، لأن مصدرها في النهاية هو نوع المشكلة النفسية وطبيعة الصراع النفسي . ومن ثم فإن وجود رموز في الأحلام لا يعني أن الرمز الواحد له معنى محدد فقط ، ولكن يعني أن هناك دلالات متعددة للرمز الواحد . وعلى سبيل المثال فإن الثعبان كرمز يمكن أن يكون له دلالات كثيرة ، فقد يرمز إلى القضيب ، أو المعرفة والحكمة ، أو الشفاء ، أو العدو ، أو كيد النساء .. وفي إطار حديثه عن الثعبان كرمز ، يشير باشلار إلى كونه يرمز إلى كل صفات اللزاجة والاشمئزاز والبرودة الكريهة ، كما أنه علامة الشر والغواية والضياع ، وتعبير عن المحرمات الجنسية ، وله دلالة القيد والحبل المتلوي الملتف حول عنق الإنسان فيخنقه ، وهو أيضاً رمز الغموض والتحولات الغريبة وطالع شؤم ونحس .
ويؤكد عبد الغني النابلسي على تعددية المعنى للرمز الواحد ، حيث يقرر ذلك في تأويله لرمزية الأنف بقوله : إن الأنف في المنام دال على ما يتجمل به الإنسان من مال أو والد أو ولد أو أخ أو زوج أو شريك أو عامل ، فمن حسن أنفه في المنام كان دليلاً على حسن حال من دل عليه ممن ذكرنا .. وسواد الأنف أو كبره دال على الإرغام والقهر ، كما أن مناسبة المقدار الطبيعي أو استنشاقه الرائحة الطيبة دليل على علو الشأن وطيب الخاطر . وربما دل الأنف على ما يصل من الإنسان من الأخبار على لسان رسول ، وربما دل الأنف على الجاسوس الآتي بالأخبار التي لا يطلع عليها أحد ، وربما دل على الفرج أو الدبر لما ينزل منه من المخاط والدم ، أو على القضيب لما ينزل منه من ماء .. وغيرها .
وفي إطار حديثه عن الدلالات الخاصة برمزية الطيور birds ، يشير هامر إلى تعددية المعنى للرمز الواحد ، بقوله : بالرغم من أن كل الطيور تعد رموزاً للهروب ، وتوجيه الحركة ، ورغبة نحو الحفزات القضيبية ، ومعاني خاصة عديدة تختلف باختلاف الطائر المعين . فإن هناك فرقاً كبيراً بين العقاب والكناري ( طائر حسن الصوت ) ، وبين الدجاجة والنسر ، وهناك طيوراً للتربية ، وطيوراً آكلة لحم البشر ، وطيوراً مفترسة ، وطيوراً طفيلية ، وطيوراً مغردة ، وطيوراً استعراضية ( الطاووس ) ، وطيوراً عديمة الحيلة ( البط الكسيح ) ، وطيوراً مسالمة ( الحمام ) ، وطيوراً أنثوية ( اليمام ) ، وطيوراً ذات العنق الطويل .. الخ ، وكل طائر من بين هذا الجمع من الطيور له دلالة خاصة أو معنى نوعي يستمد من نوعه الخاص كطائر ، علاوة على ذلك فإن مجمل المعاني النوعية المنسوبة إلى الطائر المعين إنما ترجع إلى مبدعه الخاص ( الحالم أو الرسام ) .
ويشير نظمي لوقا إلى أن نجاح رمز معين في إخفاء معالم معنى معين لا يعني بالضرورة أن هذا الرمز سوف يحتكر التعبير عن هذا المعنى تحديداً ، فمن الممكن للحلم أن يستخدم رمزاً آخر للتعبير عن ذات المعنى ، فثمة مرونة في لغات الأحلام الرمزية ، وأنه في أحيان كثيرة يدل الرمز الواحد في الحلم على أكثر من معنى ، مثلما تدل الكلمة الواحدة في اللغة أحياناً على أكثر من معنى .. ويكون المعول في فهم المعنى المقصود في الحالتين على السياق العام في جملته . كذلك يشير أريك فروم إلى أن دلالة الرمز المخصوصة لا يمكن أن تحدد إلا بناء على السياق العام الذي يندرج ضمنه هذا الرمز .. فالوادي كرمز يمكن أن يدل على الأمان والحماية ضد المخاطر الناجمة عن الخارج ، كما أنه قد يدل كذلك على كونه رمز للسجن والمعتقل .
ويقول مصطفى صفوان في مقدمة كتاب فرويد " تفسير الأحلام " فيما يتعلق بمفردات الحلم بأن الرموز هي الدوال الأساسية في لغة اللاشعور ، وأننا لنراها في أحلام المرء وأعراض مرضه وشعره وأساطيره ، وفي حين أن ما يميز اللغات النهارية هو ما سماه أحد اللغويين المحدثين بحق ظاهرة الفرار من الاشتراك ، بمعنى أن اللغة لا تمل من ابتداع الوسائل للتفرقة بين الدوال تجنباً للاشتراك وازدواج المعاني ، غير أن لغة الأحلام تفلت كل الإفلات من هذا الفرار من الاشتراك ، بل وتمعن في الاتجاه المخالف ، فلا حد للمعاني التي يمكن أن تحملها صور ورموز الحلم .
وتعددية المعنى للرمز الواحد لم يكن فرويد بغافل عنها ، حيث يقول في ذلك : إن الرموز تملك في كثير من الأحيان أكثر من معنى واحد - إن لم تملك العدد الكبير من المعاني - بحيث لا يمكن فهمها في كل مرة فهماً صحيحاً إلا من السياق العام . ذلك أن الرمز الواحد في الحلم لا يدل بالضرورة على شيء واحد بعينة ، بل قد يدل على العديد من الأشياء مجتمعة في هذا الرمز ، وهذا هو التكثيف . كذلك فإن الرمز الواحد قد يدل على شيء معين في حلم ما ، ويدل على شيء آخر في حلم آخر على الرغم من أن صاحب الحلمين شخص واحد . وأكثر من هذا فإن الرمز الواحد قد يدل على معنى محدد في بداية الحلم ، وعن معنى آخر في وسط الحلم خلال تطور أحداثه ، بل وعن معنى ثالث في نهاية الحلم .
وعلى هذا نلاحظ أن الدلالة الرمزية للحلم قد تطورت من الرمزية الثابتة أحادية المعنى ، المطلقة ، والتي تنطبق على جميع الأفراد كبيرهم وصغيرهم سويهم ومريضهم ، وفي كل المجتمعات على حد سواء ، إلى الرمزية ذات المعاني والدلالات المتعددة ، النسبية ، التي تأخذ معناها من سياق الحلم الذي تتضمن فيه ، بحيث يتم تفسير معنى ودلالة الرمز وفقاً للحالة موضع الفحص صغيراً أم كبيراً ، سوياً أم مريضاً . وكذا وفقاً لثقافة المجتمع الذي تعيش فيه الحالة وتنتمي إليه .
وإذا كنا قد وصلنا إلى أن الرمز الواحد قد يكون له أكثر من معنى ، فإنه على الوجه المقابل يقرر فرويد بأن الرموز المستخدمة في بعض الأحلام قد تعني على تنوعها ذات الشيء ، فثمة مرونة خاصة للمادة النفسية للحلم . وعلى هذا فالرمز الواحد إذا كان له معان متعددة ، فإنه من جهة أخرى قد يكون للرموز المتعددة ذات المعنى نفسه
تعليقات
إرسال تعليق