ما هي الرؤيا الشَّيطانيَّة؟ ولماذا تحدث؟ وما هي الصفات المميزة لها؟ وما هي أضرارها؟ وهل لها فوائد؟
الرؤيا الشيطانية هي نوع من أنواع الرؤى يسببه الشيطان للإنسان بغرض الإضرار به.
وتحدث هذه النوعية من الرؤى عندما يأتي الشيطان إلى النائم، فيتسلَّط عليه، ويجعله يرى أشياء معينه تؤذيه في أثناء النوم.
وتتميز هذه الرؤى بخمس صفات، لابد أن تتوافر واحدة منهم على الأقل فيها، وهي:
1. الحُزن والكآبة: فيرى النائم ما يجعله يستيقظ حزيناً، مهموماً، مُنقَبِض النَّفس كرؤى موت الأهل، واحتراق البيت، وطلاق الزوجة، والرسوب في المدرسة، والإصابة بمرض خطير، وغير ذلك من أمثال هذه الرؤى.
2. التَّخويف والإفزاع: فيرى النائم ما يجعله يستيقظ في حالة من القلق، والخوف، والرُّعب كرؤى الجن، والشياطين، والقتل، والتعذيب، والسقوط، وغير ذلك من أمثال هذه الرؤى.
3. العَبَث: فيرى النائم أشياء تافهة، وبلهاء، ولا معنى لها كرؤى الأغاني التافهة، والمزاح، والرقص، والتغيُّر في شكل الجسم وحجمه، وأشخاص في صور غريبة...إلخ.
4. الإيقاع بين الصالحين: كالمسلمين والمسلمات، والصالحين والصالحات، الأزواج والزوجات، أو المتحابين في الله (عزَّ وجلَّ) من عموم المسلمين أهل الخير والصلاح، أو أفراد الأسرة المسلمة الصالحة.
ومن أمثلة هذه الرؤى: رؤيا شخص مسلم صالح أن أخاه المسلم الصالح يقتله أو يسرقه، أو رؤيا شخص مسلم صالح أن زوجته المسلمة الصالحة تطلب الطلاق منه أو تخونه.
5. التشجيع على الكفر والمعاصي: ويهدف الشيطان بمثل هذه الرؤى إلى إضعاف
إيمان المسلم، وصرفه عن سبيل الله (تعالى).
ومن أمثلة هذه الرؤى: رؤيا الحض على الكفر، والاستهزاء بالدين، والأمر بالمنكر كالزنا، والسرقة، وشرب الخمر...إلخ.
ومن الجدير بالذكر أيضاً، أن الرؤى السيئة التي تأتي بعد أوقات يكون المسلم فيها مع الله (تعالى) يُرجح بقوة أن تكون من الشيطان، كأن تكون الرؤيا بعد توبة، أو صلاة، أو عمل خير...إلخ.
أمَّا الضرر الذي يسببه هذا النوع من الرؤى، فهو ما قد يصيب المسلم بعدها عادة من حالة نفسية سيئة. وأمَّا فوائدها (إن كانت لها فوائد) فربما تكون تقوية شعور المسلم بعداوة الشيطان له، فيدفعه ذلك إلى الاقتراب من الله (عزَّ وجلَّ)، وتقوية علاقته معه (سبحانه وتعالى).
الشيطان هو مخلوق من جنس الجن، والجن مخلوق من النار؛ لقول الله (تعالى): ﴿إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ﴾ [الكهف:50]، وكذلك لقوله (سبحانه): ﴿وَالْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ﴾ [الحجر:27].
وهو كافر؛ لقول الله (تعالى): ﴿إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ [البقرة:34]. وهو يعيش على الأرض التي يعيش عليها الإنسان؛ لقول الله (تعالى): ﴿قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً﴾ [البقرة:38]. وهو يتزوَّج ويتكاثر؛ لقول الله (تعالى): ﴿أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً﴾ [الكهف:50].
وهو يعادي الإنسان منذ زمن بعيد؛ لقول الله (تعالى): ﴿فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ﴾ [طه:117]. وهو يسعى في إيذاء الإنسان وإضلاله باستمرار؛ لقول الله (تعالى) على لسان إبليس: ﴿قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَـذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً﴾ [الإسراء:62]؛ ومعنى «أحتنِكَنَّ ذُريَّته»: أي أُضِل ذُريَّة آدم.
وهو خفي على الإنسان، بينما لا يخفى عليه الإنسان؛ لقول الله (تعالى): ﴿إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ﴾ [الأعراف:27].
وكذلك، فإن للشيطان نوعاً من التأثير على الإنسان يقل في درجته كلَّما كان الإنسان مسلماً، صالحاً، قريباً من الله (عزَّ وجلَّ)، يقول الله (تعالى): ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾ [الحجر:42].
كما تتعدد أشكال تأثيره على الإنسان، فأبرزها التشجيع على ارتكاب الشر، والإبعاد عن عمل الخير، وهذا ما يُسمَّى بالغواية أو الوسوسة، كما في قول الله (تعالى): ﴿فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ﴾ [الأعراف:20].
ومن ضمن تأثيره على الإنسان أيضاً الإيذاء الجسدي كالسِّحر والمسِّ، كما في قول الله (تعالى): ﴿وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ﴾ [ص:41].
وقد يأتي هذا التأثير الشيطاني على شكل رؤيا منام كما تقدَّم ذكره.
(2) من بين الأدلة الشرعية على الصفات التي يتصف بها هذا النوع من الرؤى الآتي:
أولاً: قول النبي (صلَّى الله عليه وسلَّم) عنها أنها: «رؤيا تحزينٌ من الشيطان» (رواه مسلم).
وثانياً: قول النبي (صلَّى الله عليه وسلَّم) عنها أنها: «تخويف الشيطان» (رواه البخاري).
وثالثاً: قول النبي (صلَّى الله عليه وسلَّم): «إذا حَلَمَ أحدُكُم فلا يُخبِرْ أحداً بتَلَعُّبِ الشيطانِ به في المنام» (رواه مسلم).
(3) أما الإيقاع بين الصالحين، فهذا من أعمال الشيطان التي جاء ذكرها في القرآن الكريم في قول الله (تبارك وتعالى): ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء﴾ [المائدة:91]. وقد يفعل الشيطان ذلك من خلال رؤى المنام، وعلى الصالحين أن يحذروا من أن يمنحوا الشيطان الفرصة لإيقاع العداوة والبغضاء بينهم بهذه الطريقة الرديئة.
(4) أما التشجيع على الكفر والمعاصي، فهذا من أعمال الشيطان التي جاء ذكرها في القرآن الكريم في قول الله (تعالى) على لسان الشيطان: ﴿وَلأُضِلَّنَّهُمْ﴾ [النساء:119].
وقد يقوم الشيطان بهذا الإضلال للناس من خلال الرؤى.
ومن أمثلة هذا النوع من الرؤى: أن يأتي الشيطان (لعنه الله تعالى) لإنسان مسلم صالح في المنام، فيريه رؤى فيها استهزاء بالدين (والعياذ بالله تعالى)، أو قد يقول له في المنام أنه ربه، أو أنه نبي من الأنبياء، ثم يأمره بالكفر، والفسوق، والعصيان (والعياذ بالله تعالى).
ويرجو الشيطان من وراء هذا النوع من الرؤى أن يستيقظ المسلم بعدها وقد اهتز إيمانه، وأحاطت به الشكوك.
تعليقات
إرسال تعليق